كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَكِفَايَةِ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا) أَيْ الْبَلَدِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجُنْدُ الْآنَ مِنْ الْجَوَامِكِ يَسْتَحِقُّونَهُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي إظْهَارِ شَوْكَتِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَأْخُذُهُ أُمَرَاؤُهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالْمَمَالِيكِ الَّتِي لَا يَتِمُّ نِظَامُهُمْ وَشَوْكَتُهُمْ إلَّا بِهَا لِقِيَامِهِمْ بِحِفْظِ حَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِينَ) أَيْ فِي شَرْحِ وَدَفْعِ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ.
(قَوْلُهُ: حَدَّهُمْ) أَيْ فَسَّرَ الْقَادِرِينَ.
(قَوْلُهُ: مَا يَبْقَى إلَخْ) مَفْعُولُ يَجِدُونَ.
(قَوْلُهُ: اسْتِيعَابُهُمْ) أَيْ الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ.
(قَوْلُهُ: خُصَّ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ فَكِّ الْأَسْرَى وَمَا بَعْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلتَّوْزِيعِ.
(وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) عَلَى أَهْلٍ لَهُ حَضَرَ إلَيْهِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَوْ طَلَبَهُ إنْ عُذِرَ بِنَحْوِ قَضَاءٍ أَوْ عُذْرِ جُمُعَةٍ أَيْ: وَلَمْ يُعْذَرْ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ بِنَحْوِ عُذْرِ جُمُعَةٍ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، (وَأَدَاؤُهَا) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَا يَأْتِي.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إعَانَةُ الْقُضَاةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا وَتَحَمُّلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ وَلَمْ يُعْذَرْ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى أَهْلٍ لَهُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلٍ إلَخْ) أَيْ عَدْلٍ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ مَنْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ نِصَابٍ) وَهُوَ اثْنَانِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ تَحَمَّلَ اثْنَانِ فِي الْأَمْوَالِ. اهـ. مُغْنِي.
(وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ) كَالتِّجَارَةِ وَالْحِجَامَةِ لِتَوَقُّفِ قِيَامِ الدِّينِ عَلَى قِيَامِ الدُّنْيَا وَقِيَامِهَا عَلَى ذَيْنِك، وَتَغَايُرُهُمَا الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الصِّحَاحِ يَكْفِي فِيهِ أَنَّ الْحِرْفَةَ أَعَمُّ عُرْفًا؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ مَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا وَغَيْرَهُ كَأَنْ يَتَّخِذَ صُنَّاعًا يَعْمَلُونَ عِنْدَهُ، وَالصَّنْعَةُ تَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ.
تَنْبِيهٌ:
صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ فِعْلِ بَعْضِ الْحِرَفِ كَالْحِجَامَةِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِفَرْضِيَّتِهَا وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ مُخْتَلِفَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّا إذَا نَهَيْنَا النَّاسَ عَنْ فِعْلِ الْحِجَامَةِ مَثَلًا مِنْ أَيِّ حَيْثِيَّةٍ كَانَ يَلْزَمُ تَرْكُهُمْ لَهَا فَلَا مَخْلَصَ إلَّا اعْتِمَادُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ أَكْلُ كَسْبِهَا لِلْحُرِّ لَا فِعْلُهَا فَتَأَمَّلْهُ.
(وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَيْنِك.
تَنْبِيهٌ:
لَا يُحْتَاجُ فِي هَذِهِ لِأَمْرِ النَّاسِ بِهَا؛ لِأَنَّ فِطَرَهُمْ مَجْبُولَةٌ عَلَيْهَا، لَكِنْ لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى تَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَثِمُوا وَقُوتِلُوا كَمَا هُوَ قِيَاسُ بَقِيَّةِ فُرُوضِ الْكِفَايَةُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ) اعْلَمْ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا يَحْصُلُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي الْحِرَفِ هَلْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ جَمِيعِهَا أَوْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ أَوْ يَتَقَيَّدُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ يُفَصِّلُ فِيهَا بَيْنَ مَا تَشْتَدُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَمَا تَعُمُّ وَمَا تَنْدُرُ؟. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَتَّخِذَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ لِاسْتِلْزَامِهِ كَوْنَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَطْلُوبًا وَمَنْهِيًّا عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَكْلُ كَسْبِهَا) أَيْ الْحِجَامَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) أَيْ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرَاثَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَفِي الْحَدِيثِ: «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» وَفَسَّرَهُ الْحَلِيمِيُّ بِاخْتِلَافِ الْهِمَمِ وَالْحِرَفِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَطْفٌ مُرَادِفٌ) إلَى قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا هُوَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: لَكِنْ هُنَا إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَذْكَارِ إلَى أَمَّا كَوْنُهُ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُضَعِّفْهُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ ذَيْنِك) أَيْ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسٌ إلَخْ فِي الْمُغْنِي.
(وَجَوَابُ سَلَامٍ) مَسْنُونٌ وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ وَلَوْ مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي كِتَابٍ، لَكِنْ هُنَا يَكْفِي جَوَابُهُ كِتَابَةً، وَيَجِبُ فِيهَا إنْ لَمْ يُرِدْ لَفْظًا الْفَوْرُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
وَيُسَنُّ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ وَالْبُدَاءَةُ بِهِ، فَيَقُولُ: وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فِيهِ مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُتَحَلِّلٍ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ (عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ: اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مُكَلَّفِينَ أَوْ سُكَارَى لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ سَمِعُوهُ، أَمَّا وُجُوبُهُ فَإِجْمَاعٌ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إسْقَاطُ الْمُسْلِمِ لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِي الْأَذْكَارِ: يُسَنُّ أَنْ يُحَلِّلَهُ بِنَحْوِ أَبْرَأْته مِنْ حَقِّي فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَلَمْ يُضَعِّفْهُ: يُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنْ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ فِيهِ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ الْبَاقِينَ وَيَخْتَصُّ بِالثَّوَابِ فَإِنْ رَدُّوا كُلُّهُمْ وَلَوْ مُرَتَّبًا أُثِيبُوا ثَوَابَ الْفَرْضِ كَالْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ.
وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَجْزَأَ إنْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا، أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ، وَهُنَا إلَّا مَنْ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ تَشْمِيتُ الصَّبِيِّ عَنْ جَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّبَرُّكُ وَالدُّعَاءُ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ.
وَلَوْ سَلَّمَ جَمْعٌ مُتَرَتِّبُونَ عَلَى وَاحِدٍ فَرَدَّ مَرَّةً قَاصِدًا جَمِيعَهُمْ وَكَذَا لَوْ أُطْلِقَ عَلَى الْأَوْجَهِ إجْزَاءٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ ضَارٌّ.
وَدَخَلَ فِي قَوْلِي: مَسْنُونٌ سَلَامُ امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ نَحْوُ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ، وَكَذَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَهِيَ عَجُوزٌ لَا تُشْتَهَى، وَيَلْزَمُهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ رَدُّ سَلَامِ الرَّجُلِ، أَمَّا مُشْتَهَاةٌ لَيْسَ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا رَدُّ سَلَامِ أَجْنَبِيٍّ وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ، وَيُكْرَهُ لَهُ رَدُّ سَلَامِهَا وَمِثْلُهُ ابْتِدَاؤُهُ أَيْضًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ رَدَّهَا وَابْتِدَاءَهَا يُطْمِعُهُ فِيهَا أَكْثَرَ بِخِلَافِ ابْتِدَائِهِ وَرَدِّهِ، وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَامْرَأَةٍ وَمَعَ الْمَرْأَةِ كَرَجُلٍ فِي النَّظَرِ، فَكَذَا هُنَا.
وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ وَجَبَ رَدُّ إحْدَاهُنَّ، إذْ لَا يُخْشَى فِتْنَةٌ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ حَلَّتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ هُنَا كَالرَّجُلِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا.
وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ فَيَجِبُ رَدُّهُ بِعَلَيْك كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ يُسَنُّ وَلَا يَجِبُ، وَسَلَامُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مُمَيِّزٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ أَيْضًا، وَكَذَا سَكْرَانَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَعْصِ بِسُكْرِهِ.
وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْجُنُونَ وَالسُّكْرَ يُنَافِيَانِ التَّمْيِيزَ غَفْلَةً عَمَّا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ عَدَمِ التَّنَافِي، أَمَّا الْمُتَعَدِّي فَفَاسِقٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيَّزِ فَلَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلْخِطَابِ كَالْمَجْنُونِ، وَالْمُلْحَقُ بِالْمُكَلَّفِ إنَّمَا هُوَ الْمُتَعَدِّي، فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَالصَّلَاةِ، قُلْت: فَائِدَةُ الْوُجُوبِ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَا يُقْضَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلشَّارِحِ هُنَا، نَعَمْ لَوْ قِيلَ: فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ.
وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ذَلِكَ الشَّارِحِ، وَخَرَجَ بِهِ السَّلَامُ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ وَمَنْ مَعَهُ، فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الرَّدُّ إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ كَاتِّصَالِ قَبُولِ الْبَيْعِ بِإِيجَابِهِ، وَخَرَجَ بِغَيْرِ مُتَحَلِّلٍ إلَخْ سَلَامُ التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ، إذَا نَوَى الْحَاضِرُ عِنْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَامِ التَّلَاقِي بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْأَمْنُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالرَّدِّ، وَهُنَا التَّحَلُّلُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِ الْحَاضِرِ بِهِ لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِمَا عَلَى صِدْقِ الِاسْمِ لَا غَيْرٍ، وَلَا رَدَّ سَلَامِ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ زَجْرًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ شَرَعَ سَلَامُهُ، وَخَرَجَ بِجَمَاعَةٍ الْوَاحِدُ فَالرَّدُّ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ.
وَلَا بُدَّ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّمَاعُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي ثَقِيلِ السَّمْعِ، نَعَمْ إنْ مَرَّ عَلَيْهِ سَرِيعًا بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ صَوْتُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ وَسِعَهُ دُونَ الْعَدْوِ خَلْفَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ سَمَاعِ جَمِيعِ الصِّيغَةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ مُؤَذِّنٍ سَمِعَ بَعْضَهُ ظَاهِرٌ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ بَلَّغَهُ رَسُولٌ سَلَامَ الْغَيْرِ، قَالَ: وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ وَحَيْثُ زَالَتْ الْفَوْرِيَّةُ فَلَا قَضَاءَ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ، وَيَجِبُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَصَمِّ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ بِنَحْوِ الْيَدِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إلَّا إنْ جَمَعَ لَهُ الْمُسَلِّمُ عَلَيْهِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ، وَيُغْنِي عَنْ الْإِشَارَةِ فِي الْأَوَّلِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ فَهِمَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَصِيغَتُهُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا: عَلَيْك السَّلَامُ وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ تَنْكِيرُ لَفْظِهِ وَإِنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ فِي سَلَامِ الصَّلَاةِ حَتَّى عِنْدَ الرَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَارِدِ بِوَجْهٍ، وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ سَلَامًا عَلَيْكُمْ، وَكَذَا سَلَامُ اللَّهِ، قِيلَ: لَا سَلَامِي وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ إجْزَاءُ عَلَيْك وَعَكْسُهُ كَمَا بَحَثَ.
وَالْأَفْضَلُ فِي الرَّدِّ وَاوٌ قَبْلَهُ، وَتَضُرُّ فِي الِابْتِدَاءِ كَالِاقْتِصَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى أَحَدِ جُزْأَيْ الْجُمْلَةِ إلَّا وَعَلَيْك رَدُّ السَّلَامِ الذِّمِّيِّ، وَإِنْ نَوَى إضْمَارَ الْآخَرِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ وَيُسَنُّ عَلَيْكُمْ فِي الْوَاحِدِ نَظَرًا لِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، وَلَا تَجِبُ وَإِنْ أَتَى الْمُسَلِّمُ بِهَا، وَيَظْهَرُ إجْزَاءُ سَلَّمْت عَلَيْك وَأَنَا مُسَلِّمٌ عَلَيْك وَنَحْوُ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهُمَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لَكِنْ هُنَا يَكْفِي جَوَابُهُ كِتَابَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ الرَّدُّ فَوْرًا بِاللَّفْظِ فِي الرَّسُولِ وَبِهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ فِي الْكِتَابِ. اهـ.
وَهِيَ مُصَرَّحَةٌ بِفَوْرِيَّةِ الرَّدِّ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) وَلَوْ صَبِيًّا.
(قَوْلُهُ: لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّوْا بِالسُّكْرِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي أَوَّلَ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي قَوْلِي مَسْنُونٌ سَلَامُ امْرَأَةٍ عَلَى امْرَأَةٍ إلَخْ) فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَمْرَدَ كَالشَّابَّةِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ جَرَى خِلَافٌ فِي كَوْنِهِ عَوْرَةً بِخِلَافِ صَوْتِ الْأَمْرَدِ، وَأَيْضًا فَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مِنْ شِدَّةِ الْحَيَاءِ الزَّائِدِ بِمُحَادَثَتِهَا لَهُ فَيَنْفَتِحُ بِذَلِكَ بَابُ الْفِتْنَةِ مَا لَيْسَ بَيْنَ الْأَمْرَدِ وَالرَّجُلِ. اهـ.
وَالْفَرْقُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ الْآتِي هُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ رَدُّ سَلَامِهَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ لَا يُكْرَهُ مِنْ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ السَّلَامُ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ. اهـ.
وَقِيَاسُهُ رَدُّهُمْ عَلَيْهَا وَهَلْ كَذَلِكَ رَدُّهَا سَلَامَهُمْ وَابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يَحْرُمَ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَامْرَأَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ شَابٍّ فَلَهُ حُكْمُ الْعَجُوزِ مَعَ الرَّجُلِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ رَدُّ سَلَامِ الرَّجُلِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَجُوزِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ شَابًّا حَرُمَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الرَّجُلِ وَرَدُّهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا تَحْرُمُ بِالشَّكِّ وَيُجَابُ بِأَنَّا لَوْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ النَّظَرُ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ حُرْمَتُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.